Paisios the Athonite
إحتلال تركيا وإعادة تحويل آيا صوفيا إلى كنيسة
قراءة في تنبؤات القديس باييسيوس الآثوسي
بقلم: أ.د أنمار أحمد محمد
إسطنبول 24/ شعبان/ 1444ه
الموافق 15/ 04/ 2023م
بسم الله الرحمن الرحيم
يتداول المسيحيون الأرثوذكس في مواقعهم الكنسية والاخبارية والصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي نبؤات ورؤى تنبأ فيها قديسهم باييسيوس الآثوسي(ت: 1994) والذي يعد آخر قديس في الطائفة الآثوذكسية المسيحية حول احتلال تركيا من قبل الروس وإنهاء وجودها كدولة وبالتالي عودة كنيسة آيا صوفيا إلى أحضان الآرثوذكسية المسيحية.
وقبل الشروع في تحليل تلك التنبؤات ودراستها ومحاولة ردها وتفنيدها علينا التنبيه بأن المسيحية تؤمن وتهتم كثيرا بالرؤى والإحلام وتنبؤات آخر الزمان التي وصلت إليهم عن طريق ما دون في أسفارهم المقدسة سابقا، أو ما تتابع ظهورها على يد قديسيهم ومصلحيهم منذ القرون الأولى للمسيحية وإلى اليوم، ويعدون هذا جزءا مهما من عقيدتهم المسيحية للخلاص ويطلقون عليها مصطلح: (علم آخر الزمان) أو علم الإسكاتولوجي (Eschatology).
والمسيحية كما هو معلوم لديها سفر في كتابها المقدس باسم: سفر الرؤية، ملء بالرؤى والتنبؤات حول العديد من الأحداث. كما يؤكد أهمية تلك الرؤى وصحة مصدرها ما جاء في سفر أعمال الرسل حين وقف الرسول بطرس مخاطبا رسل المسيح قائلا لهم بصوت مرتفع: ( يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا).(1) فوفق كتابهم المقدس، وعلى لسان رئيس الحواريين بطرس فإن الإله يبعث روحه (الروح القدس الإله الثالث من الثالوث المقدس) كي يحل على أيَّ إنسان مسيحي عادي فيتنبأ، فكيف بالرجل الصالح فضلا عن القديس!!
هذه التنبؤات للأب بايسيوس والتي تخص تركيا تحديدا مقتطعة من تنبؤات أخرى كثيرة تناولت العديد من الوقائع التي ستجري في نهاية الزمان، والتي أغلبها تعد مكررة وليست بالتنبؤات الجديدة فقد تحدثت عن أغلبها أسفارهم المقدسة كما في أسفار إشعيا وحزقيال ودانيال والرؤيا وغيرهم.(2) ولعل أبرز تلك التنبؤات حديثه عن سعي الماسونية ومن خلفها الصهيونية على جمع الأديان تحت مسمى دين واحد، وإقامة النظام العالمي الجديد وحكومة العالم الواحد، التي ستسعى إلى السيطرة على البشر وعقولهم عن طريق العديد من الوسائل الاقتصادية والتكنلوجية. كما تناولت ظهور ضد المسيح أو (المسيح الدجال) وسعيه لحكم العالم من القدس، وقيام حرب نهاية الزمان (هرمجدون)، أو (الملحمة) كما سماها النبي ﷺ. وغيرها الكثير من تنبؤات وأحداث نهاية الزمان.
ما يهمنا من تلك التنبؤات هنا هو تنبؤه عن احتلال تركيا من قبل روسيا وما سيرافق ذلك من أحداث، والذي جاء فيه: "تُخبرُني العِنايةُ الإلهيَّةُ أنَّ أحداثًا كثيرةً ستَجري. سيأخذُ الروسُ تركيَّا، وتَختفي تركيَّا من خريطةِ العالم، لأنَّ ثلثَ الأتراكِ سيصبحونَ مسيحيِّين، وَيَموتُ الثلثُ الآخرُ في الحرب، ويغادرُ الثلثُ الأخيرُ إلى بلادِ الرافدَين. سيُصبحُ الشرقُ الأوسطُ مَسرحًا لِحربٍ تلعبُ فيها روسيا دَورًا كبيرًا. ستُراقُ دماءٌ كثيرة. سيَعبرُ الصينيُّونَ نهر الفراتِ بِجيشٍ عددُه 200 مليون، ويَسيرونَ وُصولاً إلى أورشليم. علامةُ اقترابِ هذه الأحداثِ ستكونُ دمارَ جامعِ عُمَر، لأنَّ دمارَه يُعلِنُ بدءَ عملِ اليهودِ في إعادةِ بناءِ هيكلِ سليمان الَّذي كان مبنيًّا في الموضِع نفسه. ستَنشَبُ حُروبٌ كبيرةٌ بينَ الروس والأوروبيِّين، ستُراقُ دماءٌ كثيرة، ولن تلعبَ اليونانُ دورًا كبيرًا في هذه الحربِ. لكنَّ الروسَ سيعطونَها القُسطنطينيَّة، ليس لأنَّهم يحبُّون اليونان، لكن لأنَّهم لن يَجدوا حلاًّ أفضل، وستُسلَّمُ المدينةُ إلى الجيشِ اليونانيِّ، حتَّى قبلَ أن يصلَ إليها".(3) انتهى الاقتباس من التنبؤات.
وتكمن أهمية تلك الرؤى والتنبؤات على أنها من المسلمات الواجبة الحصول -حسب اعتقاد المسيح الأرثوذكس - باعتبار أن قائلها من قديسيهم بل هو آخر من تطوب منهم. فمن هو القديس بايسيوس الآثيوسي هذا ؟؟
ولد إرسانيوس آزنبيذي (بايسيوس الآثيوسي) بتاريخ (25/07/1924م)، في مدينة فارسا إحدى مدن مقاطعة كبادوكية والتي تقع اليوم بين ولايتي نوشهر وأقسراي في وسط تركيا. انتقل مع عائلته الى اليونان على إثر عملية التبادل السكاني التي جرت بين حكومتي تركيا واليونان بعد توقيع اتفاقية لوزان (سويسرا)، في (30 يناير1923م)، والتي شملت ما لا يقل عن (1.6) مليون شخصاً، وهكذا استقرت عائلته في مدينة كونسيتا وسط اليونان حيث عاش وترعرع فيها.
عاش منذ صغره حياة نسكية روحية، وكان يجد متعة فائقة في قراءة سير القديسين، محاولا الوصول يوما إلى مصافهم. ونتيجة لتأثره بالروح المسيحية تعلّم مهنة النجارة تشبهًا بالسيد المسيح، فكما هو معلوم كان السيد المسيح يعمل نجارا في أرض الجليل، وأن هذه المهنة أخذها عن والده يوسف النجار زوج مريم العذراء -كما تخبر الأناجيل- .
وفي عمر الشباب خدم في الجيش طوال ثلاثة أعوام ونصف خلال الحرب الأهلية، تلك الحرب التي قامت بين عامي (1946-1949م)، بين جيش الحكومة اليونانية المدعومة من قبل بريطانيا والولايات والمتحدة، وبين الجيش الديمقراطي اليوناني وهو الجناح العسكري للحزب الشيوعي اليوناني آنذاك.
وبعد انتهاء خدمته العسكرية، انخرط في سلك الرهبنة التي كان يرغب فيها منذ نعومة أظافره، فمنذ العام (1953م) وإلى العام (1993م)، تنقل في العديد من الأديرة والكنائس طالبا حياة الرهبنة ومكرسا نفسه للحياة الروحية، مؤلفا للكتب والمواعض، ومتنبئا عن الكثير من أحداث نهاية الزمان.
مرض مرضا عضالا شديدا لم يمهله الكثير فتوفي في (12 تموز 1994م)، ودُفن في دير القدّيس يوحنا في سوروتي، حيث تحوّل قبره محجاً لآلاف من المسيحيين الأرثوذكس في الأعوام اللاحقة. وبعد نحو (20 عاما) على وفاته، أعلن المجمع المقدس للبطريركية المسكونية (مجمع كنيسة القسطنطينيّة) رسميا قداسة الأب باييسيوس الآثوسي، وذلك في (13 كانون الثاني 2015م). وجاء في بيان الاعلان: " أن البطريرك والمجمع قبلا بالاجماع اقتراحات المجلس التشريعي في أن يدوّن الراهب باييسيوس الآثوسي في سجل قديسي الكنيسة الأرثوذكسية".
أما سبب إعلان قداسة الأب باييسوس فكان سببها وكما تم الإعلان عنه : "إن القداسة في الكنيسة الأرثوذكسيّة أساسها السّيرة العَطِرَة بأعمال الرّوح القدس. ليست العجائب شرطًا لها، هي حاصِلةٌ على كلّ حال. البِرُّ الّذي في المسيح، أي حياة الفضيلة الّتي بالروح القدس، هي أساس إعلان القداسة في كنيستنا. والحياة كلمة مُعاشَة. من هنا، القداسة تظهر في تَجسُّد “الكلمة” في كلمة حياة القدِّيس، أي أن القدّيس يصير أيقونة الكلمة المتجسِّد وتعليمه الّذي هو حياة الدّهر الآتي." (4) وبالطبع جاء إعلان تلك القداسه في مدة تعتبر قصيرة وغير اعتيادية، وفقا للمعايير الكنسية. ففي الغالب يتطلب الأمر سنوات طوال لاعلان قدسية الأشخاص في الكنائس الأرثوذكسية المسيحية بشكل عام.
وبالعودة إلى تلك النبؤة فيمكن تفنيدها بالقول:
أولا: من الواضح لازال عند الراهب بايسيوس وأسلافه الكثير من الذكريات المؤلمة في أرض ولادته تركيا حيث تم ابعاده عنها قصرا لذا حلم بموت ثلث أهلها، وتحول الثلث الآخر إلى المسيحية كما كانوا قبل هدايتهم إلى الإسلام، ومن لن يجبر على ذلك التحول أو الموت قتلا فإنه سيجبر على النزوح خارج تركيا هاربا من جنود الصليب إلى بلاد وادي النهرين العراق تحديدا مرة أخرى. لذا كان اتجاه هذا الحلم واضحا أنه مسوقا بالكثير من الرغبات والأمنيات التي ترسخت في عقله الباطن وحلم بها دائما لذا انعكست على رؤاه وأمنياته بالعودة يوما إلى أمجاد إمبراطورية عفى عليها الزمن واندثرت بين ثنايا الفتح الإسلامي.
الأمر الثاني: بمجرد النظر في أساس بطلان عقيدة النصارى التي أغواهم الشيطان فيها حين دعاهم للايمان بأن الله تجسد بشخص السيد المسيح لذا فهو الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس، ومن هنا ندرك بطلان معتقد هذا الأب وما سيبني عليه من مسلمات. فهل نصدق برؤى وتنبؤات من أغواه الشيطان في عقيدته وإيمانه ونعتقد بأنه سينجو من إغواء الشيطان في رؤاه وأحلامه ؟؟
الأمر الثالث : ربط المسيحيون الأرثوذكس اليوم تنبؤات إحتلال روسيا لتركيا ونهايتها كدولة بمسألة تحويل كنيسة آيا صوفيا([5]) لمسجد للعبادة على يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأن هذا الاحتلال الذي سيحصل هو عقاب إلهي وذلك لانتهاكهم حرمة تلك الكنيسة كما يدعون.
ومن المعلوم أن في عام (1453 م) فتح المُسلمون القسطنطينية، ونتيجة لهذا الفتح الإسلامي للمدينة فقد تم تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد في العصر العُثماني باسم الجامع الكبير الشريف لآيا صوفيا، بعد أن اشتراه السلطان العثماني محمد الفاتح (رحمه الله) من ماله الخاص ودفع ثمنه للقساوسة والكنيسة آنذاك، وبقي المبنى مسجداً قرابة (500 عام) أي منذ فتح القسطنطينية حتى عام (1931م)، وذلك بعد سقوط الخلافة العثمانية وقيام الجمهورية التركية، حيث تم إغلاق المسجد أمام المُصلين طيلة سنوات أربع، ليتم تحويله لاحقا في عام (1935 م) إلى متحف للزائرين.
وفي أوائل (يوليو 2020م)، ألغى مجلس الدولة التركي قرار مجلس الوزراء لعام (1934م) والقاضي بتحويل المسجد إلى متحف، معللًا بأن مرسوم (1934م) كان مرسوما «غير قانوني» وفق كل من القانونين العثماني والتركي وذلك لأن آيا صوفيا وَقفٌ إسلامي، أوقفه السلطان محمد الفاتح، باعتباره ملكية شخصية للسلطان اشتراه من ماله الخاص.
والسؤال هنا لماذا لم تحتل روسيا القيصرية طوال (500) عاما الأراضي التركية -العثمانية آنذاك وتعيد آيا صوفيا كنوع من العقاب الإلهي ضد العثمانيين وذلك لاحتلالهم كنيسة الحكمة الإلهية وتحطيمهم للامبراطورية البيزنطية المسيحية المقدسة ؟؟
رابعا: يشكك الكثير من المسيحيين أنفسهم في تلك الرؤى والبعض الآخر ينكرونها ولا يفسرونها كما يدعي الكثير منهم، فعلى سبيل المثال يقول مدير مركز الدراسات المسيحية-الاسلامية في جامعة البلمند الأب الدكتور جورج مسوح عن تلك التنبؤات : " إن غلاة الأرثوذكس الذين تاقوا إلى ذلك، وجدوا في ما نُسب الى باييسيوس نوعا من دعم لفكرهم وآرائهم لدعم التدخل الروسي في سوريا. بغض النظر سياسيا عما إذا كانوا يؤيدون روسيا أو الولايات المتحدة أو سواهما- وهم أحرار في ذلك- لكن أن يستندوا إلى نصوص دينية ورؤى مشكوك فيها، فذلك أمر لا يجوز، وليس من تقاليد الكنيسة بشيء". (6)
وهذا إقرار صريح من الأب مسوح بأن تلك الرؤى التي تتحدث عن الروس وصنيعهم وفق التنبؤات هي مشكوك فيها أصلا، وأنها من وضع غلاة الأرثوذكس الذين يساندون الروس في مواقفهم، لذا من المؤكد أنها نسبت زورا إلى قديسهم بايوسيوس وتم إدراجها من ضمن تنبؤاته، وخصوصا إذا علمنا أن كل التنبؤات الأخرى التي تنبأ بها نجد لها نظيرا في كتابهم المقدس، وأنه لم يأت فيها بجديد سوى بعض التفصيلات الصغيرة التي زاد عليها وفق أحداث عاش جلّها أمام ناظريه، أو ساقتها إليه تفاسير المسيحيين أنفسهم حول أحداث نهاية الزمان.
خامسا: من الواضح إن اقحام تلك الرؤى في تنبؤات القديس هدفه دفع المؤمنين من المسيحيين الأرثوذكس للعمل على استرجاع أمجاد الامبراطورية البيزنطية التي اندثرت قبل (500 عام)، لذا إختيار روسيا بالتحديد في هذه النبؤة لأنها القوة الأرثوذكسية العسكرية الأكبر، ولأن بطرياركيتها الأرثوذكسية (بطرياركية موسكو) تسعى لقيادة العالم المسيحي على حساب البطرياركية المسكونية (بطرياركية القسطنطينية)، كما أن رئيسها فلاديمير بوتين صاحب فكرة إعادة أمجاد الامبراطورية الأرثوذكسيةالمسيحية، عن طريق إعادة أمجاد حاملة إرثها بطرياركية كنسية موسكو اليوم، والذي يضع نفسه أنه الحامي الرئيسي للأرث الأرثوذوكسي أمام الحضارة الغربية المادية المحاربة للقيم المسيحية بشكل عام.
سادسا: لا ننكر العداء المتجذر بين أهل الصليب -بشكل عام- والروس الأرثوذكس تحديدا منذ فتح القسطنطينة وتحويل آيا صوفيا إلى مسجد وإلى اليوم، والذي أدى عبر التاريخ إلى الكثير من الصدامات العسكرية العنيفة بين الامبراطورتين الروسية والعثمانية سابقا، وما يحمله التوتر السياسي وأحيانا العسكري بين الروس والأتراك إلى اليوم، والذي قد يصل إلى صداما عسكريا بينهما يوما ما فيما إذا تعاقب على حكم روسيا من يريد إعادة أمجاد الامبراطوية الأرثوذكسية المسيحية وقيادتها للعالم المسيحي الأرثوذكسي، وبالتأكيد لابد أن تكتمل تلك القيادة من مركز الأرثوذكسية وعاصمتها التاريخية -القسطنطينية-، ومن ملهمة كيانها وإيقونتها كنيستها الكبرى -آيا صوفيا.
سابعا: تحدث نبينا ﷺ عن فتح القسطنطينية في نهاية الزمان، ذلك الفتح الذي سيكون بالتكبير فقط وبدون قتال وإراقة للدماء، والذي سيرتبط بظهور الدجال بعدها، كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: “سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟ قَالُوا: نَعَم، يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ. ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ. فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ".(7) يؤيد ذلك أيضا ما خرجه الترمذي من حديث معاذ بن جبل عن النبي ﷺ حين قال: "الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ ". (8)
وبالتأكيد إن فتح نهاية الزمان هذا ليس هو الفتح الذي حصل في زمان السلطان العثماني محمد الفاتح (1432-1481م) (رحمه الله)، والذي حدث قبل مئات السنين وتطلب الكثير من الدماء، بل هو فتحا آخرسيحدث للمدينة. والذي يبدو من وصف النبي ﷺ أن المدينة لن تحتلها الجيوش والعساكر الذين سيصعب اخراجهم منها إلا عن طريق القتال وتقديم والتضحيات، بدليل فتحها بالتكبير والتهليل، لذا من المرجح أن أمر حكمها قد يؤول إلى تسلط اللادينيين ومن على شاكلتهم من البعيدين عن منهج الإسلام ، لذا سيعمد المسلمون إلى إعادة فتحها وظمها إلى حضيرة الإسلام (والله أعلم)، وهذا ما يرجحه أغلب من تناولوا تنبؤات النبي ﷺ بالحديث.(9)
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
الحواشي
(1) سفر أعمال الرسل 2: 14-17.
(2) ينظر: موعد الساعة بين الكتب السماوية والمتنبئين، هشام كمال عبد الحميد، دار البشير، (ط2)، 1428ه-2007م، ص 175 وما بعدها.
(3) للاطلاع على التنبؤات كاملة ينظر: https://www.roumortodox.org/
(4) ينظر أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الارثوذكس: http://archzahle.com/kanisati050818/
(5) تسمى آيا صوفيا في العصر البيزنطي بـ : كنيسة الحكمة الإلهيّة.
(6) ينظر موقع جريدة النهار: https://www.annahar.com/arabic/article
(7) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم الحديث: 5107
(8) رواه الأمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
(9) ينظر: الحرب العالمية القادمة في الشرق الأوسط، هشام كمال عبد الحميد، دار الفكر العربي، ص 178 وما بعدها / حاشية عمدة التفسير، الشيخ أحمد شاكر، (ج2)، ص 256.